أبو الفنون Admin
عدد المساهمات : 340 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 الموقع : https://www.facebook.com/MjltTyatrw
| موضوع: متي ينتقل حكم "المحروسة" الي الشعب وليس "المحروس"! بقلم: عبير مدحت السبت فبراير 23, 2013 7:27 pm | |
| كثيرا ما يتجه الناس إلي مشاهدة المسرح الكوميدي للتخفيف من أعباء الحياة اليومية .. ويحاول اﻹبتعاد عن المسرح الجاد وخاصة من يظهر في أفيشة رائحة معالجة تاريخية ، فلا يتحمل الشعب اﻵن أي كلام جاد يكفيه ما تحتوية الحياة من أخبار سياسية متلاحقة ومعقدة ...
ولكن إذا كنت تريد وليمة من المسرح الكوميدي والجاد ، التاريخي والمعاصر ، السياسة والفن ، التمثيل والغناء واﻹستعراض .. فلابد أن تكون وجهتك عرض "المحروسة والمحروس" .. فقد بدا اختلاف هذا العرض قبل رؤيته من اﻷفيش فلا يوجد عرض بملابس تاريخية يأخذ ابطاله شكل كوميدي في الأداء ويستخدمون اللهجة العامية بجانب العربية الفصحى .. ولثقل ابطاله فنيا بداية من الكاتب ابو العلا السلاموني مرورا بصناع العمل واﻷبطال وانتهاءا بمايسترو العمل المخرج شادي سرور ، كان الدافع القوي لرؤيتة ...
يحكي العرض عن جارية للملكة شجرة الدر تحاول سرد قصتها الحقيقية في حانة تمتلكها ، كي تنصفها تاريخيا .. ليري قصتها ويشارك فيها حاكم المدينة عن علاقة المرأه بالحكم ، وكيف يتعامل الحكام مع الشعب مرورا بتحولات تاريخية للتأكيد علي ان مصر المحروسة دائما ما يحكمها "المحروس" الذي لا يهتم بالشعب ... فبعد ان مرت مصر بألعاب سياسية قذرة من غدر وخيانة ، مؤامرات وفتن ، يشير العرض إلي ان مصر المحروسة تستحق أن يحكمها من يهتم بشعبها ... فحتى من اهتم بالشعب في تاريخ مصر السياسي تعرض للإقصاء من فتن وغدر وخيانة ، ليصبح الشعب دائما ضحية للعبة السياسية داخليا وخارجيا ...
جاء دور سوسن بدر يحمل طاقات عدة للعبها دور "شجرة الدر" وجاريتها ، ولسان حال صناع العمل لتكون الرسالة متجسدة في شخص .. وبلا ادني شك استطاعت بقدرتها العالية ان تجذب الجمهور في دورها الجاد تارة والقفشات المضحكة تارة أخري ، فجاءت الشخصية تحمل ادوار مختلفة ادتها كعادتها باقتدار وحرفية عالية ...
اما دور "المحروس" والذي لعبه احمد راتب لم يسلم هو اﻵخر من تحولات تاريخية عدة ، وشخصيات متعددة اجادها بسلاسة وقوة .. وهو ليس بالجديد علي ممثل بقدره وخبرته ...
وعندما رأيت لقاء سويدان علي خشبة المسرح تملأه بالتمثيل والغناء والرقص تذكرت البنت الشقية مع سعاد حسني وهي تغني "البنات البنات" فى مسلسل "هو وهى" قبل سنوات .. ولكنها أضحت ممثلة متحكمة في أدواتها بخفة ورشاقة ..
وجاء دور مجدي رشوان في لعبه لدور "أيبك" برغم صغره الا انه اضاف كثيرا للعمل بتمكنه وثباته في عرض طاقة تمثيلية كبيرة ، اﻷمر الذي تكرر مع أحمد عثمان الذي لعب أكثر من دور ولكن جاء أبرزهم "هولاكو" ... فقد رأينا "أيبك" و"هولاكو" بشكل جديد وغير تقليدي ومعالجة مختلفة لم يتم عرضها بهذا الشكل من قبل ...
كما جاءت جميع اﻷدوار بإختلاف حجمها قوية ومعبرة لتكمل السيمفونية التمثيلية والذي أبدع فيها الجميع وعلي رأسهم هشام الشربيني ، حمدي حسن ، سامي المصري ، سمير عامر ، علي فرج ، وليد الهندي ، عمرو بهي ، أحمد يوسف ، إسماعيل جمال ومحمد عبد العزيز ... باﻹضافة إلي الدقة والتنظيم الذي اتسم به العرض لمخرجه المنفذ حيدر شوهير والذي ارتبط اسمه بمسرحيات جادة للشباب ...
كما جاءت المناظر للدكتور محمد سعد رائعة ذات حرفية عالية ودقة .. متناسقة مع ملابس نادية المليجي التي جاءت برغم فخامتها وكونها تاريخية ، بسيطة وهادئة اﻷلوان معبرة وبقوة عن جميع الشخصيات ...
اما عن الموسيقي والاستعراض في العرض فقد جاءت الاستعراضات لفاروق جعفر النسمة الخفيفة التي اخرجتنا من ملاحقة الاحداث التاريخية .. بكلمات سامح آل علي وتوزيع محمد حمدي رؤوف ، وألحان وغناء سامح عيسي الذي أخذنا بصوته الهادئ والمتمكن إلي أجواء مختلفة أثرت العرض وأضافت كثيرا من السلاسة للمعالجة التاريخية ...
المعالجة التي أبدع فيها مؤلف العرض أبو العلا السلاموني في سرده لحكاية شجرة الدر وقوتها عندما انتصرت علي الفرنجة وكيف ان فتوي الخليفة لعدم وجودها في الحكم كونها إمرأه أدت إلي كثير من الفتن ، وهو الذي تم طرده علي يد التتار وأخذه أسيرا لهم ... وقد جاء إبداع الكتابة في طريقة السرد وإرتباطها باﻷحداث المعاصرة لعمل ربط بين تاريخ مصر السياسي قديما وحديثا , مع التمكن في التنقل بين السرد باللغة الفصحي والعامية في شكل مترابط لا يشعرك بالملل او الاختلاف ....
أما شادي سرور الذي أبدع في دوره التمثيلي استطاع ان يثيت ان قدرته الاخراجية ورؤيته إضافة لموهبة تمثيلية كبيرة ... فتحكمه كمخرج زاد العرض ثراء وترابط وجعل منه لوحة فنية مكتملة التفاصيل ... فقد وصلت الرسالة يا شادي!. [center]abeer.amin@gmail.com | |
|