أبو الفنون Admin
عدد المساهمات : 340 تاريخ التسجيل : 11/11/2009 الموقع : https://www.facebook.com/MjltTyatrw
| موضوع: حنان منصور تكتب عن: مى زيادة الجمعة أغسطس 30, 2013 12:06 am | |
|
كل ثلاثاء .. كانت تدعو ألمع وأشهر أدباء عصرها ، ترتدي أبهى زينتها ، تحاور و تناقش بأسلوب ساحر رقيق ، وتقوم بخدمة ضيوفها بعد أن تطهو لهم أشهى المأكولات ، ولكن .. كان يحضر الرجال ، وتغيب النساء! أدركت أن لها أنوثة تغار منها الجميلات ، ولمحت نظرات الاستعلاء من هؤلاء المثقفين!
أحبها العقاد ، والمازني ، وأبو العلا البشرى ولكنها رفضت دعوتهم للزواج بها ، خشية أن تفقد موقعها كأشهر أديبات زمانها.. كانت مى زيادة مثاليه فى مجتمع واقعى ، يعترف بالمرأة إذا كانت سلعه للحب فقط .. وقد رضيت أن تكون سلعه لرجل منهم لم تره طوال ١٩ عاما ! هذا الرجل هو الشاعر الفذ جبران خليل جبران ، الذي أدرك من خلال خطاباتهما المتبادلة ، أنها من النوع الذي يرى بخياله ما لا يمكن رؤيته بالبصر !
.. بادلها الحب المثالي من بعيد .. وفى المرة الوحيدة التى ترك فيها أمريكا إلى أوروبا لمدة ٧ ليال ، لم بطلب رؤيتها، ولا طلبت رؤيته .. كانت الكلمات المقروءة هى الغذاء المفضل لكليهما والذي اخرج للمكتبة العربية ثمارا يانعة ، من أدب رفيع ، ورصد دقيق لواقع مريض يبارك السرية فى الحب ، ويلعن من يجهر به!
ولم يشأ جبران أن يجرها للأرض، بل تركها فى عليائها ، واكتفى بقطوف برجها العاجى ، تلك القطوف التى كانت تربته الصالحة ، التى أنتج منها شعرا ونثرا ، لا زال حيا حتى الآن .. وقد كانت تشتاق لرؤيته ، وكان كلما أحس بهذا ، يرسل لها خطابا يمتعها فيه بسموات الفكر المستنير ، فتكتفي !!
كان يكتب لها : إن روحانا هناك فى الأفق حيث لا جسد ولا مادة ، إن روحي يا مى تحيطك برعايتها .. كانت كلماته لها كمعين لا ينضب وسط حياه أرادت لها أن تكون راهبه .. وكانت بداية اكتئاب مى زيادة المشهور ، الذي أوصلها للموت ، هو اليوم الذي مات فيه جبران ، فقد شعرت بالوحدة الحقة، وبنهاية الحوار الأخاذ الذي كان كلاما من نوع فريد ..
حاولت الانغماس فى الشؤون اليومية ، وتعرضت لمحاولة ابتزاز من قريب لها فى بيروت ، موطنها الأصلي ، والذي ادعى إخلاصه لها فصدقته وأعطته أموالها فأنفقها بسفاهة ، ثم اتهمها بالجنون ، وأدخلها مصحة للأمراض النفسية والعقلية ، وظلت بها سنوات عديدة ، لتخرج منها زاهدة في الحياة ، وراغبة بشده في اللحاق بجبران ،
وعادت إلى القاهرة، لتعيش فى بيت متواضع ، وأغلقت صالون الثلاثاء ، بعد أن نسيه رواده المشاهير ، واكتفت بلقاء اسبوعى برجل دين ، لا احد يعرف حتى الآن ماذا كان يدور فيه ، وفد عرف طه حسين بأمر هذا اللقاء ، فطلب ان يزورها ، واتصل بها على الهاتف ، وكانت تلك المكالمة: - الو .. من أنت؟ - أنا طه حسين يا آنسه مى .. - ماذا تريد ؟ - أريد زيارتك والاطمئنان عليك .. - لا يمكن إلا إذا كنت قسا ، أو شيخا، فضحك طه حسين ، وأنهى المكالمة قائلا : إنني رجل لا استطيع ان أكون شيخا أو قسا ، فقالت : إذن لن تراني وأغلقت مى زيادة سماعة الهاتف ، كما أغلقت جميع أيام الأسبوع بما فيها الثلاثاء ..
يقول الشاعر الانجليزي تى اس اليوت وقد أثبتت احدث الدراسات الاجتماعية صحة قوله: إن مقياس نجاح الإنسان حياته المنزلية .. ومى زيادة كان لديها صالون ، ولم يكن لديها منزل! كانت لديها الشهرة والمال والقلم الرشيق ، ولم يكن لديها الزوج والأولاد ! وتقديري أنها لم تنجح وان ظل اسمها مدويا فى سماء الأدب ، على مر العصور.. [/size] | |
|